أغنى المرأتين بسقي مواشيهما، واستغنى عنهما، وافتقر إلى الله تعالى، وأنزل به حاجته دون غيره وهو محتاج حال؛ أي: لما يسد جوعته.
وقال تعالى حكاية عن نوح عليه السلام:{فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[يونس: ٧٢].
وقال تعالى حكاية عنه أيضاً:{وَيَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ}[هود: ٢٩].
وحكاية عن هود عليه السلام:{يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي}[هود: ٥١].
وقال تعالى حكاية عنهما، وعن صالح، وعن لوط، وعن شعيب عليهم السلام:{وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء: ١٢٧].
وروى ابن عساكر عن أبي حازم رحمه الله قال: لمَّا دخل موسى على شعيب عليهما السلام إذا هو بالعشاء، فقال له شعيب: كُلْ، قال موسى: أعوذ بالله، قال: ولمَ؟ ألست بجائع؟ قال: بلى، ولكن أخاف أن يكون هذا عوضاً لما سقيت لهما، وأنا من أهل بيتٍ لا نبيع شيئاً من عمل الآخرة بملء الأرض ذهباً، قال: لا والله، ولكنها عادتي وعادة آبائي؛ نُقري الضيف ونطعم الطعام، فجلس موسى فأكل (١).