للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم رأيت المعافى بن زكريا أخرج في كتاب "الأنيس والجليس" عن أبي المودع أنه قال: أول من قال بيت شعر يعقوب عليه السلام لما جاؤوا فأخبروه عن يوسف عليه السلام بالذي أخبروه به، فقال: [من الطويل]

فَصَبْرٌ جَمِيلٌ بِالَّذِي جِئْتُمُ بِهِ ... وَحَسْبِي إِلَهِي فِي الْمُهِمَّاتِ كافِيا

قال القاضي أَبو الفرج المعافى: وقد روي لنا أنَّ أول من قال الشعر آدم عليه السلام حين قتل قابيل أخاه هابيل، وأنَّ إبليس - لعنه الله - أجاب آدم عن شعره ذلك، قال: وهي رواية معروفة، انتهى (١).

واعلم أنَّ الذي استقرَّ عليه الأمر في الشعر أنه لا يليق ذمه مطلقاً لأنه قد أُنشد بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه كثير، وكان ربما تمثل بالشعر، ولا يليق مدحه مطلقاً لأنه قد يَشْتمل على ما هو مذموم وقد يستجر صاحبه إلى الكذب والهَيَمان في واد.

وإنما القول السديد فيه ما قاله الشافعي رحمه الله، بل رواه الطبراني في "الأوسط" عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -، وأبو يعلى عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الشِّعْرِ بمْنزلَةِ الكَلاَمِ؛ فَحَسَنُهُ كَحَسَنِ الكَلام، وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِ الكَلامِ" (٢).


(١) رواه المعافى بن زكريا في "الجليس الصالح والأنيس الناصح" (ص: ٣٠٤).
(٢) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٧٦٩٦)، وكذا البخاري في "الأدب المفرد" (٨٦٥) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -.
ورواه أبو يعلى في "المسند" (٤٧٦٠) عن عائشة رضي الله عنها بلفظ قريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>