للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى عبد الرزاق عن قتادة رحمه الله قال: همَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن ينهى عن الحِبَرَة (١) من صباغ البول، فقال له رجل: أليس قد رأيتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبسها؟ قال عمر: بلى، قال الرجل: ألم يَقُلْ الله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة} [الأحزاب: ٢١]؟ فتركها عمر (٢).

وروى أَبو بكر بن مردويه، والخطيب في "رواة مالك"، وابن عساكر عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة} [الأحزاب: ٢١]؛ قال: في جوع رسول الله (٣).

والحق أن الأسوة الحسنة فيه عامة في كل أحواله قولاً أو عملاً، أو نية، فعلاً أو تركاً.

قال محمد بن علي الترمذي رحمه الله: الأسوة الحسنة في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الاقتداء به، والاتباع لسنته، وترك مخالفته في قول أو فعل (٤).

وروى الخطابي في "الغريب" عن عبيد بن خالد - رضي الله عنه - قال: كنت رجلاً شاباً بالمدينة، فخرجت في بردين وأنا مُسبلهما، فطعنني رجل من خلفي إما بإصبعه وإما بقضيب كان معه، فالتفت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فقلت: إنما هي ملحاء، قال: "وَإِنْ كَانَتْ مَلْحَاءَ، أَمَا لَكَ فِيَّ أُسْوَةٌ؟ " (٥).


(١) الحبرة: هي الثياب المنقوشة الموشية.
(٢) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٤٩٣).
(٣) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤/ ١٢٨).
(٤) انظر: "الشفا" للقاضي عياض (٢/ ٩).
(٥) رواه الخطابي في "غريب الحديث" (٢/ ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>