الإيمان فهو في طريق الله تعالى، ولا ينتهي إلى غير الله تعالى، فكان طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحداً لأنه لا ينتهي إلى غير مراد واحد، وهو الله تعالى.
وأيضاً في تعدد طرق الشيطان إشارة إلى ضعف كيده كما قال تعالى:{إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}[النساء: ٧٦]؛ فإن طرقه تخييلات وتزيينات، فتعددت ليغوي أتباعه تارة بهذا، وتارة بهذا، فيكون الشقي المخذول مأخوذاً بكيده لا محالة، وأمَّا السعيد الموفق - وإن تعددت طرق الشَّيطان - لا يضره، ولكن يكثر بسبب تعددها أجره لأنه يجاهد الشيطان من كل طريق يأتيه منه، فتزيد بذلك حسناته، وترتفع به درجاته.
وقد روى الإمام أحمد، والنسائي، وابن حبان في "صحيحه" عن سَبُرة - بفتح المهملة وضم الموحدة - بن فاكه رضي الله تعالى عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لابْنِ آدَمَ بِطُرُقِهِ، فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الإِسْلامِ، فَقَالَ: تُسْلِمُ وَتَذَرُ دِيْنَكَ، وَدِيْنَ آبَائِكَ، وَآبَاءِ أَبِيْكَ؟ فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الهِجْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: تُهَاجِرُ وَتَدَع أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ المُهَاجِرِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي الطّوَلِ؟ فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الجِهَادِ، فَقَالَ: تُجَاهِدُ فَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ، فَتُقَاتِلُ فتقْتَلُ، فتنْكَحُ الْمَرْأَةُ وَيُقْسَمُ المَالُ؟ فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلكَ كانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ قُتِلَ كانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ