للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي: أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام: أول من مات إبليس لأنه أول من عصاني (١).

وقالت طائفة: كان تقدمه من الجن من كفر، فشبهه الله تعالى بهم في الكفر، وجعله منهم لَمَّا فعل فعلهم، فقال: {وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: ٣٤].

قلت: وفي هذا تقريرٌ لما حرَّرنا سابقاً من أن من تشبه بقوم فهو منهم.

وفيه نكتة لطيفة، وهي أن الشيطان كان في كفره متشبهاً بكفرة الجن، فهو أول من تشبه بالكفار والفجار، كما أنه أول من امتنع من التشبه بالأخيار، وأول من منعه من ذلك الاستكبار، وأول من باء بسبب ذلك باللعن والعار والبوار.

قال الله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣١) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣٢) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٣٣) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٣٤) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} [الحجر: ٣٠ - ٣٥].

وقد نقل الإمام الوالد في "تفسيره": أن المراد بقوله تعالى: {كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف: ٥٠]: تشتبه أفعاله بأفعالهم؛ لأنه إن كان منهم حقيقة فإنه


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٧/ ٣٠٤)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٦١/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>