عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بظاهر المدينة إذ أقبل شيخ يتوكأ على عكاز، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّهَا لَمِشْيَةُ جِنِّيٍّ"، ثم سلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّهَا لَنَغْمَةُ جِنِّيٍّ".
فقال: أجل يا رسول الله! أنا الهامة بن الهام بن لاقيس بن إبليس.
فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا أَرَى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ إِلاَّ أَبَوَيْنِ".
قال: أجل يا رسول الله.
قال:"كَمْ أتَى عَلَيْكَ مِنَ الْعُمُرِ؟ ".
قال: أكلت عمر الدنيا إلا القليل، كنت ليالي قتل قابيل هابيل غلاماً ابن أعوام، وكنت أتسوف على الآكام، وأصطاد الهام، وأفسد الطعام، وأورش بين الأنام.
فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بِئْسَ الْعَمَلُ".
فقال: يا رسول الله! دعني من العتب؛ فإني ممن آمن مع نوح عليه السلام، وعاتبته في دعوته، فبكى وأبكاني، وقال: إني والله لمن النادمين، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، ولقيت هوداً عليه السلام فعاتبته في دعوته، فبكى وأبكاني، وقال: إني لمن النادمين، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، ولقيت إبراهيم عليه السلام فآمنت به، وكنت بينه وبين الأرض إذ قذف به في المنجنيق، وكنت معه في النار إذ ألقي فيها، وكنت مع يوسف عليه السلام إذ ألقي في الجب، فسبقته إلى قعره، ولقيت موسى بن عمران عليه السلام