الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١)} [النور: ٣١]، والتوبة من الإيمان، ومن جهاد النفس - وهو من أعظم الجهاد - قال:{وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[الصف: ١٢].
وإنَّما طابت تلك المساكن بسبب خلوَّها من كدورات الدُّنيا من تعب ونَصَب ومرض وحزن ومَلال وقَنَر وغيرِ ذلك.
وأعظم شيءٍ طيَّبها جوار الله تعالى ورضوانه، وتَجلَّي وجهه لهم مع الخلود لأن العدن هو الإقامة.
ثمَّ قال:{ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}؛ أي: دون ما تعدونه في الدنيا فوزاً من مكالسب ومغانم وغيرها؛ لانصرامه وفنائه، والفوز العظيم إنَّما هو ما كان من إقامة وخلود، كما قال تعالى:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[النساء: ١٣]؛ يعني: الجنة مع الخلود فيها.
وهو الفلاح؛ فإنَّ الفلاح هو البقاء في الخير، كما في "القاموس"(١).
ونقله أبو بكر بن الأنباري في كتاب "الزاهر" عن جماعة من أهل اللغة، وقال: معنى {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الحشر: ٩]: هم الباقون في الجنَّة.