يتفاقم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاجتمع نفر من كبارهم في دار الندوة ليتشاوروا في أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاعترضهم إبليس في صورة شيخ من نجد، فلما رأوه قالوا: من أنت؟ قال: شيخ من نجد، وقد سمعت باجتماعكم فأردت أن أحضركم، ولن تعدموا مني رأيًا ونصحًا، قالوا: ادخل.
قال أبو البختري: فأما أنا فأرى أن تأخذوا محمداً وتحبسوه في بيت، وتشدوا وثاقه، وتسدوا باب البيت غير كوة تلقون إليه منها طعامه وشرابه، وتتربصوا به ريب المنون حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء، فصرخ عدو الله الشيخ النجدي فقال: بئس الرأي! والله لئن حبستموه ليخرج أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، ويوشك أن يثبوا عليكم فيقاتلوكم، ويأخذوه من أيديكم، قالوا: صدق الشيخ.
فقال هشام بن عمرو: أمَّا أنا فأرى أن تحملوه على بعير فتخرجوه من بين أظهركم، فلا يضركم ما صنع وأين وقع، فإذا غاب عنكم استرحتم، فقال إبليس: ما هذا لكم برأي، تعمدون إلى رجل قد أفسد سفهاءكم لتخرجوه إلى غيركم فيفسدهم، ألم تروا إلى حلاوة منطقه، وطلاقة لسانه، وأخذ القلوب ما سمع من حديثه، والله لئن فعلتم ذلك فيذهب ويستميل قلوب قوم، ثم يسيرهم إليكم فيخرجوكم من بلادكم، فقالوا: صدق والله الشيخ.
فقال أبو جهل: لأشيرن إليكم برأي ما أرى غيره؛ إني أرى أن