للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الحديث: "إِنَّ جِبْرِيْلَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمَّا نَظَرَ إِلَىْ الْجَنَّةِ رَجَعَ إِلَىْ اللهِ تَعالَىْ فَقالَ: وَعِزَّتِكَ لا يَسْمَعُ بِها أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَها"، الحديث. رواه الترمذي، والنسائي، وغيرهما (١).

ويقال: إن العزة اسم حية محيطة بجبل (ق) (٢) المحيط بالدنيا؛ فإن كان هذا صحيحاً فلعل الشيطان قصدها بيمينه، فيكون حالفاً بغير الله تعالى.

وروى الطبراني عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَا مُعَاذُ! إِنِّي مُرْسِلُكَ إِلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فِإِذَا سُئِلْتَ


(١) رواه الترمذي (٢٥٦٠) وصححه، والنسائي (٣٧٦٣)، وكذا أبو داود (٤٧٤٤) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) قال ابن كثير في "تفسيره" (٤/ ٢٢٢): روي عن بعض السلف أنهم قالوا: (ق) جبل محيط بجميع الأرض، يقال له: جبل قاف. وكأن هذا من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس، لما رأى من جواز الرواية عنهم، مما لا يصدق ولا يكذب، وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم يلبسون به على الناس أمر دينهم، كما افترى في هذه الأمة، مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما بالعهد من قدم، فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول المدى وقلة الحفاظ النقاد فيهم، وشربهم الخمور، وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه، وتبديل كتب الله وآياته، وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله: "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" فيما قد يجوزه العقل، فأما فيما تحيله العقول، ويحكم فيه البطلان، ويغلب على الظنون كذبه، فليس من هذا القبيل، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>