للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذكر الحديث في عوده ثلاث مرات، وقوله في الثانية: دعني أكلمْك كلمات ينفعك الله بهن.

قلت: ما هن؟

قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: ٢٥٥] حتى تختم الآية؛ فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح.

وذكر الحديث، وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي هريرة رضي الله تعالى عنه: "أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوْبٌ؛ تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاثِ لَيَالٍ أَبَا هُرَيْرَةَ؟ " قال: لا، قال: "ذَاكَ الشَّيْطَانُ" (١).

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُوْدُ" إشارةٌ إلى أن الشيطان كان كاذباً في دعوى الدَّين والحاجة، وهذا لا شك أنه خلق شيطاني، والاعتذار به في تناول الحرام أقبح كما يعتذر القضاة والولاة والشّرَط عن تولية ذلك بكثرة العيال، ثم هم يتمرسون في محصول ذلك والاستكثار منه تمرس البعير بالشجرة، ويتوسعون في السُّحت توسع البَطِر في مال أبيه.

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - في آخر الحديث: "قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوْبٌ" تقريرٌ لما أجراه الله تعالى على لسان الشيطان لأبي هريرة من بيان فضل قراءة آية الكرسي كل ليلة، وفرار الشيطان منها، وحفظ قارئها ورعايته.


(١) رواه البخاري (٢١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>