للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخمس أمراً افترضه علينا، سوى ما ندبنا إليه من النَّوافل، وذلك في قولنا: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٦، ٧].

روى الإِمام محمَّد بن جرير الطبري في "تفسيره" عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: أنَّ المراد بالذين أنعمت عليهم: الأنبياء والملائكة والصدِّيقون والشُّهداء ومن أطاع الله وعَبَده (١).

أي: وهم سائر الصَّالحين.

وهذا أرجح الأقوال في تفسير المُنْعَم عليهم، وأعمُّها، وأتمُّها.

فإن قلت: لم يذكر الله تعالى الملائكة في قوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} الآية [النساء: ٦٩]، مع أنَّ الملائكة من أهل الطَّاعة المنعم عليهم، كما في حديث ابن عبَّاس؟

قلت: لأنَّ هؤلاء الأربعة الأصناف - وإن شاركتهم الملائكة عليهم السَّلام في إحلال الرِّضوان عليهم في دار الآخرة مع الخلود - فإنَّهم يتميزون عنهم في تلك الدَّار بأنواع التَّمتعات الشَّهوانية الناشئة عن النُّفوس المطمئنَّة، كما قال الله تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} [الزخرف: ٧١].

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠)} [فصلت: ٣٠] إلى قوله: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ


(١) رواه الطبري في "التفسير" (١/ ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>