للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ قَرَّبَ اللهُ مِنَّا كُلَّ ما شَسَعا ... كَأَنِّنَي بِهِلالِ الْفِطْرِ قَدْ طَلَعا

فَخُذْ لِلَهْوِكَ فِي شَوَّالَ أُهْبَتَهُ ... فَإِنَّ شَهْرَكَ فِي الْواواتِ قَد وَقَعا

قلت: والله لقد أساء، وجرَّأ الفسقة هو وأمثاله على أمور.

وما أحسنه لو قال: [من البسيط]

قَرَّبَ اللهُ مِنَّا كُلَّ ما شَسَعا ... كَأَنَّنَي بِهِلالِ الصَّوْمِ قَدْ طَلَعا

فَخُذْ لِجِدِّكِ فِي تَقْواكَ أُهْبَتَهُ ... فَإِنَّ شَعْبانَ فِي الْواواتِ قَدْ وَقَعا

وأقبح من مقالته المذكورة قول الآخر: [من الوافر]

إِذا الْعِشْرُونَ مِنْ شَعْبانَ وافَتْ ... فَواصِلْ شُرْبَ لَيْلِكَ بِالنَّهارِ

وَلا تَشْرَبْ بِأَقْداحٍ صِغارٍ ... فَإِنَّ الْوَقْتَ ضاقَ عَنِ الصِّغارِ (١)

وهذا وأمثاله - وإن فهم منه بعض أهل الإشارات معاني لطيفة (٢)، واستثاروا منه حالات شريفة - فإنه بالنسبة إلى عامة الناس من وحي الشيطان.

وقد خاض جماعة من الشعراء وأهل الإنشاء من ذلك في أودية مَسْبعة، وأشفوا بسبب مزاحمة البلغاء على المهالك من غير منفعة.

ولعل هذا وأمثاله من المحسِّنات اللفظية غايةَ مقصود أهل الزمان


(١) البيتان لأحمد بن علي الموصلي. انظر: "خريدة القصر وجريدة العصر" للعماد الأصبهاني (٩/ ٢٤٨).
(٢) انظر: "الطبقات الكبرى" للشعراني (١/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>