قلت: وما ذكره الحسن في المأثم وضده ليس مجموعه المنكر، بل كل أفراده منكرات، وتختلف عوائد البلاد في ذلك، ففي بعضها يفعل ذلك كله ويزاد عليه إما بالهيئة التي ذكرها الحسن وهي عادة أهل العراق، ومن ثم طلع قرن الشيطان، وإمَّا على هيئة أخرى كما أخبرنا عن أهل مصر وفيها باض الشيطان وفرخ، وفي بعض البلاد يفعل بعض ما ذكره.
وقد تجاوز الناس إلى أشياء لم تكن في الزمن الأول.
فمما ضموه إلى ذلك في المأثم قطع أغصان عظيمة من الأشجار، وتعليق الخرق من الحرير وغيره فيها بين يدي الجنائز، وشد سرج الدابة منكَّساً، واستئجار نساء أهل الذمة للنوح، وربما قلن ما يوافق عقائدهن المردودة.
وممَّا ضموه إلى ما ذكره في الأفراح والولائم أنواع السخرية، وتشبه الرجال بالنساء، وإلباس العروس ملابس الرجال، وتحميلها السلاح، وإلباسها زي المُرْدِ، وما يقع في الولائم والمجامع من تزيين المُرْدِ الحسان، وإلباسهم زي النسوان، وأمرهم بإدارة القهوة على
(١) رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (٢٨) شطراً منه، ورواه بطوله الحارث بن أبي أسامة كما في "مسنده" في روايتين الأولى برقم (٢٦٥) والثانية (٨٨٩).