وعباد الله متى صدقوا في الإخلاص، ورسخوا في مقامه تسوَّروا منه بسُوره المشار إليه بقوله تعالى:{إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}[الحجر: ٤٠]، وقُرِئَ بكسر اللام وفتحها (١)، فمن استخلصه الله تعالى من يدي عدوه الشيطان بإقراره في مقام الإخلاص فقد نجا من الشيطان.
واعلم أنه لا يهتم بإضلال أحد ما يهتم بإضلال من توجَّه إلى جهة الإخلاص.
قال الإمام أبو طالب المكي في "قوت القلوب": وقد حدثونا في الإسرائيليات: أن عابداً كان يعبد الله - تبارك وتعالى - دهراً طويلاً، فجاءه قوم فقالوا: إنَّ هاهنا قوما يعبدون شجرة من دون الله تعالى، فغضب لذلك، فأخذ فأسه على عاتقه وقصد الشجرة ليقطعها، فاستقبله إبليس في صورة شيخ، فقال: أين تريد رحمك الله تعالى؟
قال: أريد أن أقطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله تعالى.
قال: وما أنت وذاك؟ تركت عبادتك والاشتغال بنفسك، وتفرغت لغير ذلك؟
فقال: إنَّ هذا من عبادتي.
قال: فإني لا أتركك تقطعها.
قال: فقاتله، فأخذه العابد فطرحه إلى الأرض، وقعد إلى صدره.