للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيطان لك، أو لا مدخل للشيطان عليك إلا بها.

وصدقَ؛ فإن الشيطان لو كان له مدخل على الإنسان من غير جهة نفسه لم يضره دخوله؛ لأن العبد لا يؤاخذ بذنب غيره {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: ١٨]، ولذلك قال الله تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٥]، ولم يقل: منك وممن أغويت؛ إشارة إلى أنَّ استحقاقهم للعذاب إنما هو سبب اتباعهم للشيطان واقترافهم للعصيان، لا بسبب الإغواء، بدليل أنه لو تجرد الإغواء عن التبعية منهم فإنه لا يضرهم، ولذلك يقول لهم يوم القيامة: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} [إبراهيم: ٢٢].

روى ابن المبارك في "الزهد والرقائق"، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني، وغيرهم بسند ضعيف، عن عقبة بن عامر - رضي الله تعالى عنه - في حديث الشفاعة: أن الكفار يقولون يوم القيامة: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا؟

فيقولون: ما هو غير إبليس هو الذي أضلنا، فيأتونه فيقولون: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فقم أنت فاشفع لنا؛ فإنك قد أضللتنا.

فيقوم، فيثور من مجلسه أنتن من ريحٍ شمَّها أحدٌ، ويقول عند ذلك: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ}

<<  <  ج: ص:  >  >>