للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محفوفة بالشهوات، فيحاسب نفسه على كل شهوة تضره في الآخرة، فيدعها ويقلع عنها كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ - أَيْ: حَاسَبَهَا - وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ" (١).

وكل شهوة تؤذي صاحبها بعد الموت فهي مدخل للشيطان إلى الإنسان؛ إذ مقصوده من كل أحد أن يكدّر عليه آخرته، ويبعده من رحمه الله تعالى عند الموت، كما أبلس هو منه، ولسان حاله يقول: كما عثرثني عثر جميع خلقك، ولا يليق هذا إلا به وبمن كان على طريقه.

وأما المؤمن فإنه يحب للناس ما يحب لنفسه، فمن غلب شهوته، ولم تبالغ نفسه فيها فقد سدَّ عنه مداخل الشيطان، فقد صار عنه الشيطان مطروداً.

وروى أبو نعيم عن وُهَيب رحمه الله تعالى أنه قال: من جعل شهوته تحت قدمه فزع الشيطان من ظله، ومن غلب حلمُه هواه فذلك العالم الغلاب (٢).

فعليك بحسم مواد نفسك عنك جملة، واتهامها في كل الأحوال اقتداء بالكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام في قوله: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٤/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>