للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم هرب قابيل إلى عَدَن من أرض اليمن، وامتزج بالوحش، وكان الوحش إذ ذاك يستأنس بالإنس، فلما مضت عليه أيام جاع ولم يجد طعاماً، فأخذ ظبية وشدخ رأسها بالحجر؛ قال ابن عباس: فكانت الموقوذة حراماً من عهد قابيل، وهرب الوحش يومئذ من الإنس لِمَا رأى من قابيل (١).

قلت: ومن هنا يعلم أن القتل للوحش منه، ومنه حصلت الوِحشة للبشر، ثم للوحش.

قالوا: وعرض إبليس لقابيل فقال له: إنما أكلت النار قربان أخيك لأنه كان يعبدها، فانصُب أنت ناراً تكون لك ولعَقِبك، فبنى بيت نار، وهو أول من عبد النار، ولذلك كان أول من ينساق إلى النار كما روي (٢).

قال البغوي رحمه الله تعالى: قالوا: واتخذ أولاد قابيل آلات اللهو من اليراع، والطبول، والمزامير، والعيدان، والطنابير، وانهمَكوا في اللهو، وشرب الخمر، وعبادة النار، والزنا، والفواحش حتى أغرقهم الله بالطُّوفان أيامَ نوح عليه السلام، وبقي نسل شيث عليه السلام (٣).

قلت: ويجمع بين ذلك وبين ما تقدم أن إبليس وضع المزامير،


(١) انظر: "تفسير القرطبي" (٦/ ١٤٢).
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ٥٣)، "تفسير القرطبي" (٦/ ١٣٩)،
(٣) انظر: "تفسير البغوي" (٢/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>