لأقتلنك، ولو كان حازماً كان غضبه على نفسه؛ إذ كان هو السبب في عدم قَبول قربانه بارتكاب المعاصي التي أشرنا إليها آنفًا، فلو رجع على نفسه باللائمة، وتاب وأقلع لكان خيرًا له، وليته حين نبَّهه أخوه هابيل بقوله: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧)} [المائدة: ٢٧] تنبه وعاد إلى الطاعة.
وقد قيل:[من السريع]
ارْجِعْ إلى الْوِدَّ الَّذِي بَيْنَنا ... وَكُلُّ ذَنْبٍ لَكَ مَغْفُورُ
وكذلك ينبغي لكل من أصيب بمصيبة، أن يعلم أنها بما قدمت يداه كما قال تعالى: {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا (٨٨)} [النساء: ٨٨].
ولا يحمله الطيش والبغي أن يلوم غيره فيكون متشبهاً بقابيل حيث لم يتقبل قربانه، فحمله البغي على أن قال لأخيه: لأقتلنك، بل يرجع باللاَّئمة على نفسه ليظفر بحصول أُنسه، كما قلت:[من مخلّع البسيط]
أَن السَّبَبُ فِي بَلْوايَ ... ما ضَرَّني غَيْرُ أَهْوايَ
يا رَبِّ خَلِّصْنِي مِنِّي ... وَنَجِّنِي مِنْ دَعْوايَ