وهذا منهم غاية في السخف والحماقة، ولذلك خف أمرهم، واضمحل حالهم عند هود عليه السَّلام حتى أجابهم بما حكاه الله تعالى عنه: {قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود: ٥٤ - ٥٦].
أي: فإذا كانت الدَّواب مأخوذاً بنواصيها، فلا يكون منها حركة ولا أمر إلا بإرادة الله الآخذ بنواصيها، فكيف تزعمون إضراري بآلهتكم الجمادات؟
فأنتم ولو اجتمعتم على كيدي لا تستطيعون كيدي، وإنما قال لهم: واشهدوا مع أن من هذا مؤدَّى عقله لا يصلح للإشهاد، ولا يصح إشهاده على وجه التهكم، فهو أمر احتقار وتهكم واستهزاء بهم.
ومن هنا يظهر لك أن من اعتقد أن شيخه أو معتقده ينتقم، أو يعطب من يعاديه، وهو مصر على المعصية والظلم، فهو أشبه الناس بقوم هود في سخافة العقل.
نعَم، لا ينكر أن يكرم الله تعالى بعض أوليائه باستجابة دعوته في بعض أعدائه وإن لم يدع، ولا أن الله تعالى ينفع من يوالي ولياً لله تعالى به.
وكذلك من يزعم أن شيخه يقتل محقون الدم بحاله، أو يضر مسلماً بعطبته إلا أن يغار لله تعالى إذا شاهد معصية فيكون غضبه لله