المطاع؛ إذ جعل الأمر مطابقًا على المجاز الحكمي، والمراد الآمر، ومنه قولهم: علي إمرة مطاعة، انتهى (١).
وفيه من المبالغة ما لا يخفى؛ فإنه يدل على أن أمرهم صار أمرًا متعارفاً فيهم بحيث لا يحيدون عن طريقه، ولا يأخذون في أمر يخالفه.
ومن هذا القبيل عصيان الأمر، ولذلك جمع بينهما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (٩٠) قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (٩١) قَالَ يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣)} [طه: ٩٠ - ٩٣].
فوقع عصيان الأمر في كلام موسى عليه السلام كما وقعت طاعة الأمر في كلام أخيه عليهما السلام، وهو أبلغ من طاعة الآمر وعصيان الْمَعْصِيِّ.
وأيضا في النهي عن طاعة أمر المسرفين النهي عن التشبه بهم في أمرهم - وإن غابوا أو هلكوا - فإنه مذموم مطلقًا، سواء كان الحامل عليه رجاؤهم إياهم وخوفهم منهم، أو استحسان أمرهم وموافقتهم في رأيهم.
وقد أخبر الله - عز وجل - في كتابه بأن هلاك كل قرية كان من مكر أكابرهم، فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (١٢٣)} [الأنعام: ١٢٣].