للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أظهرهم لأنه مأمور بدعوتهم، فطلب النجاة مما هو فيه بما شاءه الله تعالى.

ويدل على هذا الوجه قوله تعالى: {وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (٧٤) وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥)} [الأنبياء: ٧٤، ٧٥].

وقد قيل: في الآية حذفُ مضافٍ تقديره: في أهل رحمتنا.

قال الزهريّ رحمه الله تعالى: إن لوطاً عليه السلام لما عذَّبَ اللهُ تعالى قومَه لَحِقَ بإبراهيم عليه السلام، فلم يزل معه حتى قبضه الله إليه. أخرجه ابن عساكر، وغيره (١).

وفيه إشارة إلى أن مَنْ أبغضَ أعداءَ الله، وقَلاهُم، وعاداهم، واستوحش منهم، وطلب من الله تعالى أن يخرجه من بينهم، وأخلص في ذلك، عوضه الله تعالى بصحبة أوليائه والكينونة معهم.

وفيه إشارة إلى أن من آوى الله تعالى آواه الله تعالى إليه، وكيف لا يكون لوطاً قد آوى إلى ركن شديد وقد آوى إلى الله تعالى بقوله: {رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (١٦٩)} [الشعراء: ١٦٩].

وإلى هذا أشار - صلى الله عليه وسلم - بقوله في الحديث: "رَحِمَ اللهُ لُوْطًا؛ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيْدٍ" (٢).


(١) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٠/ ٣٢٦).
(٢) تقدم تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>