للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فملأ، فتتبع ما بقي من زروعهم وأشجارهم فأكله، ولحس الأرض كلها، وكان يدخل بين ثوب أحدهم وجلده، ويأكل أحدهم فيمتلئ طعامه قملاً، وأخذ القمل شعورهم وحواجبهم وجفونهم، ولزم جلودهم كأنَّه الجدري، ومنعهم النوم والقرار، فاستغاثوا بموسى عليه السلام، فدعا لهم، فكشف الله تعالى البلاء عنهم بعد ما أقام عليهم سبعة أيام، فنكثوا، وعادوا لأخبث أعمالهم، وقالوا: ما كنَّا أحق أن نستيقن به ساحراً منَّا اليوم؛ يجعل الكثيب دوابًا! وعزة فرعون لا نصدقه أبدًا، ولا نتبعه.

فأرسل الله تعالى عليهم الضفادع بعد ما أقاموا شهرًا في عافية، فدخلت عليهم دورهم، وامتلأت منها أفنيتهم وأطعمتهم، وكان أحدهم يجلس في الضفادع إلى ذقنه، ويضطجع فتكون عليه ركامًا، ويفتح فاه لأكلته فتسبق الضفاع لقمته، ولا يعجن عجينا إلا شدخت فيه، ولا يطبخ قدراً إلا امتلأت ضفادع (١).

روى ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كانت الضفادع برِّية، فلما أرسلها الله تعالى على آل فرعون سمعت وأطاعت، فجعلت تقذف بنفسها في القدور وهي تغلي، وفي التنانير وهي تفور، فأثابها الله بحسن طاعتها برد الماء -وفي رواية: والثرى- إلى يوم القيامة (٢).


(١) انظر: "تفسير الطبري" (٩/ ٣٨).
(٢) رواه الطبري في "التفسير" (٩/ ٣٧)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (٥/ ١٥٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>