للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* تنبِيْهٌ:

وإذ قد علمت مما سبق أنَّ التشبه بأهل الكتاب منه محمود ومنه مذموم، وهو مؤدَّى قول حذيفة رضي الله تعالى عنه: نِعْمَ الإخوة لكم بنو إسرائيل؛ كانت فيهم المُرَّة وفيهم (١) الحلوة. رواه أبو نعيم (٢).

فلعلك تقول: لو أشرت إلى الترغيب في التشبه بصالحيهم؟

فأقول لك في الجواب: يغني عن ذلك ما ذكرناه في القسم الأول من التشبه بالصالحين فمن فوقهم لاندراجهم فيهم.

ثم إنَّ الاعتناء بالتحذير من التشبه ببني إسرائيل وسائر أهل الكتاب، بل وبغيرهم من الأمم من أهم ما يعتنى به، ويهتم بشأنه لأن النفوس أخوات، والناس أشباه تميل أخلاقهم لمثل ما مالت إليه أسلافهم، فتعيَّن التحذير مما هلكت به وعليه الأسلاف.

وقد روى الإمام مالك في "الموطأ"، والإمام أحمد، والشيخان، وابن ماجه عن أبي سعيد، والطبراني في "الكبير" عن سهل بن سعد، وابن أبي شيبة، والحاكم في "المستدرك" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم قالوا: قال رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِيْنَ مِن قَبْلِكُم شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ".

قالوا: يا رسولَ اللهِ! اليهود والنَّصارى؟


(١) في "حلية الأولياء": "وفيكم"بدل "وفيهم".
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٣/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>