للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج منها، فأرانا قدرته وأمره، فهل رأيت قط إنساناً خلق من غير أب؟

فأنزل الله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} [آل عمران: ٥٩] (١).

فعلم من ذلك أن النصارى إنما عبدوا عيسى من حيث انفرادُه بخصوصية كونه من غير أب، ولا أب لله، فدخل التشبيه عليهم من هذه الحيثية، وهذا نظر في غاية الفساد فإنهم يقولون: إنَّ الإله لا والد له، ثم يقولون: إنَّه ابن الله، وهذا يستلزم بطلان أُلُوهِيَّتِه؛ فسبحان من وصف نفسه بقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١].

وروى اللالكائي في "السنة" عن نعيم بن حمَّاد رحمه الله تعالى قال: من شبَّه الله تعالى بشيء من خلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه ورسوله بتشبيه (٢).

وروى فيه عن يزيد بن هارون رحمه الله تعالى قال: إنَّ الجهمية غلت تفرعت في غلوها إلى أن نفت، وأنَّ المشبِّهة غلت تفرعت في غلوها إلى أن مثَّلت (٣).


(١) رواه الطبري في "التفسير" (٣/ ٢٩٥).
(٢) رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" (٣/ ٥٣٢)، وكذا ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٦٢/ ١٦٣).
(٣) رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" (٣/ ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>