للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} [الأنعام: ١٤٨].

قال القرطبي: وقد أنِسَت المعتزلة بقوله: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: ١٤٨]، فقالوا: قد ذم هؤلاء الذين جعلوا شركهم بمشيئته.

وتعلقهم بذلك باطل؛ لأن الله تعالى إنما ذمهم على ترك اجتهادهم في طلب الحق، وإنما قالوا ذلك على وجه الهُزء واللعب.

نظيره: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: ٢٠].

فرد عليهم بقوله: {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الزخرف: ٢٠] كما رد عليهم مقالتهم هنا بقوله: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (١٤٨) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: ١٤٨ - ١٤٩].

قال: ولو قالوا على جهة التعظيم والإجلال والمعرفة لما عابهم لأن الله تعالى يقول: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} [الأنعام: ١٠٧]، و {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: ١١١]، انتهى (١).

وذكر الثعلبي عن الحسين بن الفضل قال: لو أُخبروا بهذه المقالة تعظيما وإجلالاً لله تعالى ومعرفة منهم به لَمَا عابهم، ذلك لأن الله تعالى قال: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} [الأنعام: ١٠٧]، ولكنهم قالوا ذلك تكذيباً، وتحريفاً، وجدلاً من غير معرفة بالله تعالى وبما يقولون،


(١) انظر: "تفسير القرطبي" (٧/ ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>