إسنادٌ، وإنما هي صحف في أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم أخبارَهم، وليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل مما جاءهم به أنبياؤهم، ولا تمييز ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي أخذوها عن غير الثقات.
قال: وهذه الأمة إنما تنص الحديث من الثقة المعروف في زمانه، المشهور بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم، ثمَّ يبحثون إليه البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ، والأضبط فالأضبط (١).
قلت: وعلم الحديث على ما هو مبين في كتبه مفقود منذ ذهب شيخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر العسقلاني وأقرانه، ثمَّ خلفهم جماعة قليلون كانوا على بقية منه كالبقاعي، والسخاوي، وأبي نبهان، وأبي الفتح المزني، وابن الشويخ، والقلقشندي، والبرهان الناجي، والفخر الإيجي، والحافظ الجلال السيوطي، والتقي الأوجاقي، وآخرهم القاضي زكريا الأنصاري، فكان على بقية مما ترك أصحاب الحديث، ثمَّ غلب على جماعة القاضي زكريا علم الفقه، ولم ينبل منهم في الحديث إلا شيخ الإسلام والدي بالشام، وشيخ الإسلام نجم الدين الغيطي بمصر مع براعتهما في غيره، ثمَّ انتهى أمر علم الحديث بعد والدي رحمه الله تعالى؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون.
(١) رواه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث" (ص: ٤٠).