للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي قراءة أُبَي كما أخرجه أبو داود، والحاكم، وصححه (١).

وأما قوله تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: ٢٣]، فالمراد النهيُ عن الأسف على ما فات من الدُّنيا، والفرح بما أتى الله العبد منها من حيث إنها دنيا، لا من حيث إنه فضل من الله تعالى.

ولذلك قال بعده: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: ١٨]؛ فإنَّ من علم أن ما بيده فضل من الله تعالى، وهو عارية عنده لا يفرح به من حيث هو.

ولذلك قال جعفر الصَّادق رحمه الله تعالى في هذه الآية: يا ابن آدم! ما لك تأسف على مفقود لا يرده إليك الفوت؟ وما لك تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت (٢)؟

فأما من فرح بالشيء من حيث إن الله تعالى هو الذي أنعم عليه به فيستدل بذلك على أنه من الله تعالى على بال، فهذا لا بأس به، ومنه قول أيوب عليه السَّلام وقد قال الله تعالى له حين جمع جراد الذهب في ثوبه: ألم أغنك عن هذا؟ قال: بلى، ولكن لا غنى لي عن بركتك، أو عن فضلك (٣).


(١) رواه أبو داود (٣٩٨٠)، والحاكم في "المستدرك" (٢٩٤٦).
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٩/ ٣٤٥).
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>