واعلم أنه كما ابتلي موسى عليه السلام بقارون وهو ابن عمه أو عمه، ابتلي محمد - صلى الله عليه وسلم - بعمه أبي لهب.
وقد قص الله تعالى أذية قارون لموسى في طي قوله تعالى:{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ}[القصص: ٧٦]، وهو طي بالنشر أشبه، وإشارة إلى التَّصريح أقرب.
ولمح بأذية أبي لهب لمحمد - صلى الله عليه وسلم - تلميحًا، فقال تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد: ١ - ٢].
وصبر - صلى الله عليه وسلم - على أذية أبي لهب امتثالًا لقوله تعالى:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}[الأحقاف: ٣٥].
وموسى عليه الصَّلاة والسَّلام من أولي العزم اتفاقًا.
ثمَّ قال - صلى الله عليه وسلم - على وجه التواضع:"يَرْحَمُ اللهُ أَخِي مُوسَى؛ لَقَد أُوْذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذا فَصَبَرَ"(١).
وكان من أذية أبي لهب له ما تضمنه ما رواه البخاري، والمفسرون عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}[الشعراء: ٢١٤]، (ورهطك منهم المخلصين): خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى صعد على