للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التسري، وبه قال آخرون (١).

قال شيخ الإسلام الوالد: وهذا غير بعيد.

وأما قوله تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: ٨]، فلا يراد به ترك النكاح بإجماع المفسرين، بل قيل: هو الانقطاع إلى الله، وهو موافق لأصل معنى التبتل في اللغة (٢).

يقال: بَتَلْتُهُ؛ أي: قطعته، فتبتل، وانبتل، ومنه سميت فاطمة رضي الله تعالى عنها: البتول لانقطاعها عن نساء زمانها، ونساء الأمة فضلاً وديناً وحسباً.

وقيل للمنقطعة إلى الله تعالى: بتول، كما يقال للفسيلة المنقطعة عن أمها من النخل: بتول، وبتيل، وبتيلة، ويقال: بتول للمنقطعة عن الأزواج، ومنه سميت مريم بتولاً.

فالمعنيان مشهوران في لغة العرب.

فالتبتل بمعنى الانقطاع عن النكاح هو المنهي عنه، وبمعنى الانقطاع إلى الله تعالى هو المأمور به في قوله: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: ٨].

أقيم التفعيل بمقام التفعل لرعاية الفاصلة، أو إشارة إلى تقصد


(١) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٩/ ٣١)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٢)، و"المغني" لابن قدامة (٧/ ٣).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٢٩/ ١٣٢)، و "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>