للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نصَّ القرآن العظيم على قتل اليهود الأنبياء عليهم السلام في مواضع، ولم يكن في الأمم أسفك لدماء الصالحين منهم، وكذلك وقع القتل من النصارى كثيرًا، وقد تقدمت قصة بَرْصيصا الراهب، وكان يعد من خيارهم، فما ظنك بشرارهم؟ بل ما خلت الأمم من القتل منذ قتل قابيل أخاه هابيل.

وأمَّا قتل الإنسان لنفسه فروى البخاري، ومسلم واللفظ له، عن جندب رضي الله تعالى عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ رَجُلاً كَانَ مِمَّنْ قَبْلَكُمْ خَرَجَتْ بِوَجْهِهِ قُرْحَةٌ، فَلَمَّا آذَتْهُ انتُزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانتِهِ فَنَكَأَ بِهَا، أَوْ نَخَسَهَا، فَلَمْ يَرْقَأْ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ رَبُّكُم: قَدْ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ".

وفي لفظ: "إنَّهُ بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ، فَحَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" (١).

وذكر المفسرون، وغيرهم: أن النصارى كانوا على دين عيسى بعد ما رُفع سنين، فوقع بينهم وبين اليهود حرب، وكان في اليهود رجل شجاع يُقال له: بولس قتل جماعة من النصارى، ثم قال لليهود: إن كان الحق مع هؤلاء فقد هلكنا, ولكنِّي أحتال فأضلهم، فعرقب فرسه، وأظهر الندامة، ووضع على رأسه التراب، فقال له النصارى: من أنت؟

قال: بولس عدوكم، نوديت من السماء: ليس لك توبة إلا أن تتنصر، وقد تبت، فأدخلوه الكنيسة، وكان لا يخرج منها ليلاً ولا نهاراً


(١) رواه البخاري (٣٢٧٦)، ومسلم (١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>