فرجع تائبًا، فأصابه العطش حتى كاد ينقطع عنقه، فإذا هو برسول لبعض أنبياء بني إسرائيل فسأله فقال: ما لك؟
قال: العطش.
قال: تعال ندعو حتى تظلنا سحابة حتى ندخل القرية.
قال: ما لي من عمل فأدعو.
قال: فأنا أدعو وأمِّن أنت.
قال: فدعا الرسول، وأمَّن هو، فأظلتهم سحابة حتى إذا انتهيا إلى القرية، فأخذ القصاب إلى مكانه، ومالت السحابة، فمالت معه، فقال له: زعمت أن ليس لك عمل وأنا الذي دعوت وأنت الذي أمَّنت، فأظلتنا سحابة، ثم تبعتك؟ لتخبرني بأمرك، فأخبره.
فقال: إنَّ التائب من الله بمكان ليس أحد من الناس مكانه (١).
قلت: هذه الحكاية يحتاج التأمين فيها إلى التأويل إن أمكن، وإلا يعارضه مع الحديث الذي ذكرناه سابقاً أن التأمين خاص بهذه الأمة إلا ما كان من تأمين هارون على دعاء موسى عليهما السلام.
وقد يقال: إن ذلك -وإن لم يكن مشروعاً فيهم- فقد ألهمه
(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/ ٢٣٠)، وكذا ابن أبي الدنيا في "التوبة" (ص: ٨٢).