وقد سمَّى الله تعالى كلًّا من قول اليهود في مريم، وقول الروافض في عائشة بهتانا عظيما، فقال تعالى في الإفك:{وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}[النور: ١٦].
وقال تعالى في اليهود: {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (١٥٥) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} [النساء: ١٥٥، ١٥٦].
وفي "الصحيحين"، وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَمْ يَتَكَلَّمْ في الْمَهْدِ إِلاَّ ثَلاثة: عِيْسَى عَلَيْهِ السَّلامُ، وَكَانَ في بَنِي إِسْرَائِيْلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: جُرَيْجٌ كَانَ يُصَلي فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَقَالَ: أُجِيبهَا أَوْ أُصَلي، فَقَالَتْ: اللهُمَّ لا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوْهَ الْمُومِسَاتِ -وفي رواية-: فَكَانَ يَوْمًا يُصَلي إِذِ اشْتَاقَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ! فَقَالَ: يَا رَبِّ! الصلاةُ خَيْرٌ أَمْ آتِهَا، ثُمَّ صَلَّى وَدَعَتْهُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ صَلَّى وَدَعَتْهُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَاشْتَدَّ عَلَى أُمِّهِ فَقَالَتْ: اللهُمَّ لا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُوْمِسَاتِ -أي: الزانيات- وَكَانَ جُرَيْجٌ في صَوْمَعَتِهِ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأة وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنتهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلاما، فَقَالَتْ: مِنْ جُرَيْج، فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ، وَأَنْزَلُوْهُ وَسَبّوْهُ، فتوَضْأَ وَصَلَّى، ثُمَّ أتَى الغُلامَ فَقَالَ: مَنْ أبَوَك يَا غُلامُ؟ فَقَالَ: الرَّاعِي، فَقَالُوا: نبني صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذهب، فَقَالَ: لا إِلاَّ مِنْ طِيْنٍ.
قَالَ: وَكَانَتِ امْرَأةٌ تُرْضعُ ابْنًا لَهَا في بني إِسْرَائِيْلَ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ