وروى أبو نعيم عن بكر بن عبد الله المزني رحمه الله تعالى قال: كان فيمن قبلكم ملك، وكان له حاجب يقربه وُيدنيه، وكان هذا الحاجب يقول: أيها الملك! أحسن إلى المحسنين، ودع المسيء تكفيه إساءتُه.
قال: فحسده رجل على قربه من الملك، فسعى به، فقال: أيها الملك! هو ذا يخبر الناس أنك أبخر.
قال: وكيف لي أن أعلم ذلك؟
قال: إذا دخل تدنيه لتكلمه؛ فإنَّه يقبض على فيه.
قال: فذهب الساعي، فدعا الحاجب إلى دعوته، واتخذ مرقة، وأكثر فيها الثوم، فلما أن كان من الغد دخل الحاجب، فأدناه ليكلمه عن شيء، فقبض على فيه، قال: تَنَحَّ، فدعا بالدواة وكتب له كتابًا وختمه، وقال: اذهب بها إلى فلان، وكانت جائزته مئة ألف دينار، فلما أن خرج استقبله الساعي فقال: أي شيء هذا؟
قال: قد دفع إلي الملك، فاستوهبه فوهبه له، فأخذ الكتاب ومر، فلما أن قرؤوا الكتاب دعوا بالذباحين، فقال: اتقوا الله يا قوم؛ فإن هذا غلط وقع علي، وعاودوا الملك.
فقالوا: لا يتهيأ لنا معاودة الملك.
وكان في الكتاب: إذا أتاكم حامل كتابي هذا فاذبحوه، واسلخوا جلده، واحشوه بالتبن، ووجهوه إلي.
فذبحوه، وسلخوا جلده، ووجهوا به، فلما أن رأى الملك تعجب، فقال للحاجب: تعال وحدثني واصدقني: لم إذ أدنيتك قبضت على أنفك؟