للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب في فهم المعاني والعلوم إلى رياضتها بآلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ -وهي المسماة بعلم المنطق- بخلاف الأعاجم.

وحكي عن يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الشافعي رضي الله تعالى عنه يقول: اصطنع رجل إلى رجل من العرب معروفًا فوقع منه، فقال له: أجارك الله من غير أن يبتليَك.

وقال الشافعي: هم أَحَدُّ الناس عقولًا (١)؛ يعني: العرب.

وأيضًا: فإنَّ مما تظهر به كرامة ابن آدم حسن الخلق واعتدال الغريزة، وإلا كان هو والبهائم سواء، وكلما حسن خلقه واعتدلت خليقته تمَّ كماله، وظهرت كرامته، ومن ثمَّ أثنى الله تعالى على نبيه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤].

ولا شك أن غرائز العرب أطوع للخير من غيرهم، فهم أقرب إلى السماحة، والسخاوة، والحلم، والعفو، والشجاعة، والوفاء، وغيرها من الأخلاق الكريمة.

ولكن كانت قبل الإِسلام طبائعهم قابلة للخير معطلة عن فعله لما ألفته نفوسهم من الجهل وعدم الهدى؛ إذ لم تبق فيهم شريعة موروثة عن نبي، ولا كان فيهم علم منزل من السماء، حتى بعث الله تعالى فيهم محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالهدى والكتاب المنير كما قال تعالى: {بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ


(١) رواه ابن المقرئ في "معجمه" (٣/ ٨٨)، وابن الجوزي في "الأذكياء" (ص: ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>