الأديان، حتى إذا صلى المسلمون فركعوا وسجدوا، كان ذلك إلى النار التي أوقدوا، ومضت على ذلك السنون والأعصار، وتبعت بغداد فيها سائر الأمصار إلى أن أخفت الله صوتهم وقدَّر هلكتهم وموتهم، وكانت نكبتهم في زمن هارون الرشيد، وذلك سنة سبع وثمانين ومئة من الهجرة المحمدية، فانقطع شرهم عن الملة الإِسلامية.
هذا مع ما يجتمع تلك الليلة من النساء والرجال، واختلاط الحال من الفريقين في ضيق المحال، فالواجب على السلطان منعهم، وعلى العالِم ردعهم، انتهى.
نقله الحافظ زين الدين العراقي عنه في "شرح الترمذي"، وأقره عليه.
قلت: وقد تفاقم الأمر، واشتدَّ الحال في هذا العصر، واستمرت تلك البدعة إلى الآن، وبالغ الناس في الشعلة ليلة النصف من شعبان، وفي ليالي رمضان، بل لو قصر الناس في ذلك في كل سنة لأمرهم الحاكم بها، وقال العالِم إلا من اتقى الله تعالى: هذه بدعة حسنة، بل قد اتفق تهديد الحكام للناس على الترك قبل وقوع التقصير، وصاروا يعلنون النداء بالأمر بذلك من غير منكر لهذا الفعل الكبير، فبقي المنكر معروفًا به يؤمر، والمعروف منكرًا يستهجن ويستنكر، فصدق على هذا الزمان قولُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كَيْفَ بِكُمْ إِذا طَغَى نِساؤُكُمْ، وَفَسَقَ شَبَابُكُمْ، وَتَرَكْتُمْ جِهَادكُمْ".