للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ليس من الحقيقة إطلاق الركوب على النكاح، وإنما هو من باب المجازات التي أحدثها العرف، ولم يرد معن بالجارية الأمَة؛ فإن إطلاقها على الأمة عرف حادث أيضاً، وإنما الجارية في اللغة: الفتية السن من النساء، وإنما أراد معن بالجارية السفينة.

قال في "القاموس": الجارية: الشمس، والسفينة، والنعمة من الله تعالى، وفَتِيَّة النساء (١)؛ لم يذكر فيها غير ذلك مع أنه يطلق المجازات كثيرًا في مطلق الحقائق، وفي كتاب الله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة: ١١]؛ قال ابن عباس: السفينة. رواه ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم (٢).

ومثله عن السدي. رواه سعيد بن منصور، وابن المنذر، وعليه إطلاق المفسرين (٣).

ولو أراد معن بالجارية الأَمَة لورد على قوله: ولو علمت أن الله تعالى خلق مركوبًا غير هذا لحملتك عليه: السفينة، وقد قال الله تعالى: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا} [هود: ٤١] ولما ركبوا في الفلك {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ} [هود: ٤٢].

وقال تعالى: {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} [الرحمن: ٢٤]؛ فإن


(١) انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: ١٦٣٩) (مادة: جري).
(٢) رواه الطبري في "التفسير" (٢٩/ ٥٤).
(٣) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٨/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>