للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَرْشُ، وَشَيَّعَ جَنازَتَهُ سَبْعُوْنَ ألفَ مَلَكٍ" (١)

وروى ابن سعد، عن محمود بن لَبِيد - رضي الله عنه -: أن القوم قالوا: يا رسول الله! ما حَمَلْنا ميتًا أخف علينا من سعد؟ قال: "ما يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَخِفَّ عَلَيْكُمْ وَقَدْ هَبَطَ مِنَ الْمَلائِكَةِ كَذا وَكَذا، لَمْ يَهْبِطُوْا قَطُّ قَبْلَ يَوْمِهِمْ، قَدْ حَمَلُوْهُ مَعَكُمْ" (٢).

وعن الحسن رحمه الله تعالى قال: لما مات ابن معاذ - وكان رجلًا جسيماً، جزلاً - جعل المنافقون يقولون: لم نر رجلًا أخف منه، وقالوا: تدرون لم ذاك؟ لمحكمه في بني قريظة، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "وَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَده لَقَدْ كانَتِ الْمَلائِكَةُ تَحْمِلُ سَرِيْرَه" (٣).

وروى هذا الحديث الحاكم بنحوه من طريق قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - (٤).

قلت: كذلك يطمس الله على قلوب المنافقين حتى يروا الأمور الحسنةَ قبيحةً؛ فإن خفة جنازة سعد رضي الله تعالى عنه إنما كانت لكرامته، فزعموا أنها كانت بخلاف ذلك، وأنها عقوبة له على حكمه في بني قريظة مع أنه موافق في حكمه الله تعالى.

وأين نظر هؤلاء من نظر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه الكرام - رضي الله عنهم - الذين


(١) رواه البيهقي في "دلائل النبوة" (٤/ ٢٨).
(٢) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٣/ ٤٢٨).
(٣) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٣/ ٤٣٠).
(٤) رواه الحاكم في "المستدرك" (٤٩٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>