للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: ٢٤ - ٢٥].

نزلت الآية في قريش اجتمعوا فقالوا: إن محمداً رجلٌ حلو اللسان، إذا كلمه الرجل أخذ بعقله؛ فابعثوا أناساً من أشرافكم في كل طريق من طرق مكة على رأس ليلة أو ليلتين، فمن جاء يريده يرده عنه، ففعلوا، فكان إذا أقبل الرجل وافداً لقومه يقول له أحدهم: أنا فلان بن فلان؛ أخبرك أن محمداً رجل كذاب، لم يتبعه على أمره إلا السفهاء، والعبيد، ومن لا خير فيه، وخيار قومه مفارقون له، فإذا سأله عما جاء به يقول: أساطير الأولين، فيرجع الوافد إلا أن يكون عزم على الرشاد، فيقول: بئس الوافد أنا لقومي إن كنت جئت حتى إذا بلغت مسير يوم رجعت قبل أن ألقى هذا الرجل وآتي قومي ببيان أمره، فيدخل مكة، فيلقى المؤمنين، فيسألهم، فيقولون خيراً، فذلك قوله تعالى: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ} [النحل: ٣٠]. أخرجه ابن أبي الدنيا بنحوه عن السدي (١).

فمن صد مريداً عن أستاذ حاذق، أو قال عن عالم عامل، وقَبَّحَ حاله عنده، فهو أشبه الناس بجاهلية قريش، خصوصاً إذا طعن على ذلك الشيخ بما ليس فيه حسداً أو بغياً؛ أولئك قطاع طريق الله تعالى عن المسترشدين.


(١) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٥/ ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>