للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر: ٧] قال: إذا أعطيت عطية فأعطها لربك، واصبر حتى يكون هو يثيبك (١).

قلت: في الآية إشارة إلى أن من كلف بالإنذار وما بعد يبتلى، فيحتاج إلى الصبر، ولذلك أمر به آخراً.

ونظيره قول لقمان لابنه: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} [لقمان: ١٧].

ثم كان من أول ما بينه - صلى الله عليه وسلم - أول ما يكون في اليوم الآخر من نفخ الصور، فقال تعالى: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [المدثر: ٨]، وهو الصور كما أخرجه المفسرون عن ابن عباس، وغيره (٢).

{فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ} [المدثر: ٩، ١٠] بيَّن أن يوم القيامة آتٍ، وأول هول فيه النفخ في الصور، والنقر في الناقور، وإنما عسره إنما هو على الكافر خاصة، وهو الذي ارتكب ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخلافه من أحوال أهل الجاهلية، وإنما ينجو من عسره وهوله المؤمن الذي نفعته نذارة النبي - صلى الله عليه وسلم -، واتبعه على ما هو عليه.

قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لما نزلت: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [المدثر: ٨]، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كَيْفَ أَنْعَمُ وَقَدِ الْتَقَمَ صاحِبُ الْقَرْنِ - يَعْنِي الصُّور - حَنَى جَبْهَتَهُ يَنتظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ"؟


(١) ورواه الطبري في "التفسير" (٢٩/ ١٥٠).
(٢) رواه الطبري في "التفسير" (٢٩/ ١٥١)، وذكره البخاري (٥/ ٢٣٨٨) معلقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>