وكانت نساء الحميس لا ينسجن ولا يغزلن الشعر إذا أحرمن، وكانوا إذا أحرموا لا يأقطون الأقط، ولا يأكلون الزبد، ولا السمن، ولا يسلونه، ولا يمخضون اللبن، ولا يلبسون الوبر ولا الشعر، ولا يستظلون به ما داموا حُرُماً، وإنما يستظلون بالأدم، ولا يأكلون شيئاً من نبات الحرم، وكانوا يعظمون الأشهر الحرم، ولا يخفرون فيها الذمة، ولا يظلمون فيها.
وكانوا إذا أحرم الرجل منهم فإن كان من أهل المَدَر نقب نقباً في ظهر بيته، فمنه يدخل ومنه يخرج، ولا يدخل من بابه ولا يخرج، ولا يجوز تحت أسكفة بابه ولا عارضته، فإن أرادوا بعض أطعمتهم ومتاعهم تسوَّروا من ظهور بيوتهم وأدبارها، فنزلوا إلى حجرهم (١).
وكانوا على ذلك حتى بعث الله تعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم -، فأحرم عام الحديبية، فدخل بيته وكان معه رجل من الأنصار، فوقف الأنصاري على الباب، فقال له:"أَلا تَدْخُلُ"؟
فقال: إني أحمسي يا رسول الله.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَأَنا أَحْمَسِيّ، ديني وَدِيْنُكَ سَواءٌ".
فدخل الأنصاري، فأنزل الله تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ