وبلغني أن منهم من يأخذ الصغير فيدخله في قميصه، ثم يخرجه من جيبه، ويعتقد أنه بهذا الفعل يكون بينهما محرمية، وهذا ضلال وجاهلية.
وكفى دليلاً على إبطال ذلك قصة زيد في تبني النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث بيَّن الله تعالى أن التبني لا يحدث محرمية بأَنْ أمره بتزوج زينب بعد أن طلقها زيد رضي الله تعالى عنهما:{لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا}[الأحزاب: ٣٧]؛ أي: بالطلاق.
وروى عبد الرزاق، وابن حبان في "صحيحه"، والطبراني عن عائشة رضي الله تعالى عنها قال: كان من تبنى رجلاً في الجاهلية دعاه الناس إليه، وورث من ميراثه حتى أنزل الله في ذلك:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}[الأحزاب: ٥](١).
وروى الخطيب في "تالي التلخيص" عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله تعالى عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إِنَّ أَعْدى النَّاسِ عَلى اللهِ تَعالَى مَنْ عَدا فِي الْحَرَمِ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قاتِلِهِ، أَوْ قَتَلَ بذُحُولِ الْجاهِلِيَّةِ".
فقام رجل فقال: يا رسول الله! إن فلاناً ابني.
فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ذَهَبَ أَمْرُ الْجاهِلِيَّةِ، لا دَعْوى فِي الإِسْلامِ؛ الْوَلَدُ
(١) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٧/ ٤٦١)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٢٤/ ٢٩١)، وكذا البخاري (٤٨٠٠).