وقيل: هم كل الأمم السالفة من عهد نوح عليه السلام إلى زمان النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وإنما قال:{قَرِيبًا}[الحشر: ١٥] لأن مسافة الدنيا كلها قريبة لانقضائها، وكما أن كل آتٍ قريب فكل ماض منها قريب لتتابعه.
أو قال:{قَرِيبًا}[الحشر: ١٥] من حيث إن القرآن قرب أحوالهم منهم مما جمعه من أخبارهم، وقصه من سننهم ووقائعهم.
واعلم أن قبائح المنافقين كثيرة لا تنحصر فيما ذكرناه.
وبالجملة لا يفعل المنافق طاعة إلا معلولة، ولا يبتعد عن معصية إلا تقية، أو في ظاهر الحال، ولذلك قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٦٧)} [التوبة: ٦٧]؛ أي: المتلبسون بالفسق حقيقة لأنهم خارجون عن الأمر حقيقة بخلاف المؤمن؛ فإنه إذا وقعت منه معصية فعلى سبيل الزلة والخطأ، ولو التمس قلبه لوجده مصدقاً، ولذلك يخاف من ذنبه ويندم على فعله، ويكره ذلك من نفسه، فالفسق على ظاهره، والإيمان في قلبه، وإنما سمي إذا فعل كبيرة أو أصر على صغيرة فاسقاً احتياطاً للشهادة، وزجراً له عن المعصية، وتبكيتاً به ليرجع ويتوب، ومن ثم سمى أهل السنة الفاسق غير المنافق مؤمناً خلافاً للخوارج والمعتزلة؛ فإن الخوارج يسمونه كافرًا، والمعتزلة يقولون: هو بين المنزلتين لا مؤمن ولا كافر.