ومن ثم خاف حنظلة وغيره من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أن يكون دخولهم في المباحات نفاقاً لأنهم كانوا يحملون أنفسهم على الاحتياط والعزائم لتوغلهم في محبة الله تعالى، وإقبالهم على طاعته وطاعة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحملهم على الرخصة تلطفاً بهم ورفقاً، ويقول:"إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَما يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزائِمُهُ"(١).
روى مسلم عن حنظلة بن الربيع الأسيدي قال: لقيني أبو بكر رضي الله تعالى عنه فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة.
فقال: سبحان الله! ما تقول؟ قال: نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكِّرنا الجنة والنار كأنَّا رأيَ عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عافَسْنا الأزواج، والأولاد، والضيعات؛ نسينا كثيراً.
قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه: إنَّا لنَلْقى مثل هذا.
فانطلقت أنا وأبو بكر رضي الله تعالى عنه حتى دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: نافق حنظلة يا رسول الله.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَما ذاكَ؟ "
قلت: يا رسول الله! نكون عندك تذكرنا الجنة والنار كأنا رأي