إلى كمال، ولن تتم الحركة إِلَّا بآلتها، فحدثت الأجرام الفلكية، وتحركت بحركة دورية بتدبير النفس، فحدث بتوسطه الطبائع البسيطة العنصرية، وبتوسط البسائط حدثت المركبات من المعادن، والنباتات، والحيوانات، وأفضلها الإنسان لاستعداده لفيض الأنوار القدسية عليه، واتصالها بالعالم العلّوي، وحيث كان العالم العلّوي مشتملًا على عقل كامل كلي ونفس ناقصة كلية يكون مصدرًا للكائنات، وجب أن يكون في العالم السفلي عقل كامل يكون وسيلة إلى النجاة، وهو الرسول الناطق، ونفس ناطقة نسبتها إلى الباطن في تعريف طرق النجاة، نسبة النفس الأولى إلى العقل الأوّل، وهو الإمام الّذي هو وصي الناطق، وكما أن تحرك الأفلاك بتحرك العقل والنفس، كذلك تتحرك النفوس إلى النجاة بتحريك الناطق والوصي، وتدور الحركات في كلّ زمان دائر على سبعة سبعة حتّى ينتهي الدور إلى الآخر، وهو دور المهدي، ويدخل زمان القيامة، ويرتفع التكليف.
ثمّ قالوا: ما من فريضة، ولا حكم من أحكام الشّريعة إِلَّا وله وزان من العالم عددًا في مقابلة عدد، وحكما في مطابقة حكم؛ فإن الشرائع عوالم روحانية أمرية، والعوالم شرائع جسمانية خلقية، وكذلك التركيبات في الحروف والكلمات على وزان تركيبات الصور والأجسام.
وهذه المقالات كانت طرائق قدمائهم وأسلافهم، ولما ظهر الحسن ابن الصباح أظهر دعوته، وقصر على إلزامات دعوته، واستظهر بالرجال، وتحصن بالقلاع، وكثرت شوكتهم، وخافت ملوك السوء منهم.