للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علفته من تبن حماري هذا.

قال: فكان يدعو بهذا في صلاته، قال: فنهاه نبيه عن ذلك.

فأوحى الله تعالى إليه: لأي شيء نهيته؟ قد كان يضحكني في اليوم كذا وكذا مرة.

وفي رواية متصلة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال أبو نعيم: "فَإِنِّي إِنَّما أُجازِي عِبادِيَ عَلى قَدْرِ عُقُولهِمْ" (١).

قلت: لعل وجه معاتبة الله تعالى هذا النبي على نهي هذا الأبله عن ذلك لأن البله أمر خلقي فلا يفيد صاحبه النهي شيئاً، بل ربما أوقعه البله بالنهي في أعجب منه.

وقوله: إنه كان يضحكني: الضحك من الله تعالى بمعنى الرضا؛ كأنه يقول: أنا طبعته على البله، ومنعته الفطنة، فرضيت بما يصدر منه؛ فإنه على وفق ما أردت منه (٢).

وقوله في الرواية الأخرى: "إنما أجازي عبادي على قدر عقولهم"؛ فيه إشارة إلى أن العبد المؤمن كلما كان أتم عقلاً كان أوسع علماً ومعرفة، وأكثر عملاً وتقوى، فيكثر ثوابه، فيرجع المعنى إلى أن الثواب بقدر العقول الكاملة، وليس للعبد الذي خلقه الله تعالى كامل


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٣/ ٢٢٣).
(٢) هذا التأويل على مذهب المتأخرين، ومذهب السلف إثبات الصفة لله تعالى، مع التنزيه عن التشبيه والتسليم بمعناها إلى الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>