للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن أبي الدنيا، وأبو نعيم عن سويد الكلبي: أن زِرَّ بن حُبيش رحمه الله تعالى كتب إلى عبد الملك بن مروان كتاباً يعظه، وكان في آخره: ولا يطمعك يا أمير المؤمنين في طول الحياة صحة بدنك، وأنت أعلم بنفسك، واذكر ما تكلم به الأولون: [من الرجز]

إِذا الرِّجالُ وَلَدَتْ أَوْلادُها ... وَبَلِيَتْ مِنْ كِبَرٍ أَجْسادُها

وَجَعَلَتْ أَسْقامُها تَعْتادُها ... تِلْكَ زُرُوعٌ قَدْ دَنا حَصادُها

فلما بلغ عبد الملك الكتاب بكى حتى بل طرف ثوبه (١).

ويعجبني في هذا الباب قول البهاء زهير: [من مجزوء الكامل]

أَتُرِيدُ بَعْدَ الشَّيْبِ مِنِّي شِـ ... ـرَةَ الطَّرَبِ الْخَلِيع

لا لا وَحَقِّ اللهِ ما ... أَنا بِالسَّمِيعِ وَلا الْمُطِيعِ

إِنْ كُنْتَ تَرْجِعُ أَنْتَ بُعَيْـ ... ـدَ الشَّيْبِ فَايْئَسْ مِنْ رُجُوعِ

كَيْفَ الرُّجُوعُ وَقَدْ رَأَيْتَ الـ ... ـرِّيحَ تَلْعَبُ بِالزُّرُوعِ

عارٌ رُجُوعُكَ بَعْدَ ... ما عايَنْتَ حِيطانَ الرُّبُوعِ

وَحَلَلْتَ فِي ظِلِّ الْجَنا ... بِ الرَّحْبِ وَالْعِزِّ الْمَنِيعِ

ومن ثم عظم إثم الشيخ الزاني - وإن كان الزنا من كل أحد عظيمًا - إلا أنه من الشيخ أعظم.


(١) رواه ابن أبي الدنيا في "العمر والشيب" (ص: ٦٤)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٤/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>