للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم: ٥٤].

قوله: {مِنْ ضَعْفٍ}؛ أي: ابتدأكم ضعفاء.

وقال قتادة: من ضعف: من نطفة.

وكأن معنى قول قتادة من ذات ضعف؛ إذ أصلها ماء مهين.

وقال في قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا}: الهرم، {شَيْبَةً}: التعمر. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم (١).

ففي الآية إشارة إلى أن ضعف الإنسان الذي ابتدئ خلقه عليه يستصحبه ينتهي إلى قوة، وهي بلوغ الأشد بالإدراك، أو ببلوغ ثمان عشر سنة، أو ثمانية وعشرين سنة، أو ثلاثين على الأقوال في الأَشُدِّ.

ثم قوته هذه تنتهي بعد استوائها ببلوغ ثلاثين سنة، أو أربعين إلى إحدى وخمسين على الخلاف أيضًا إلى ضعف، وهو الشيب والهرم.

فسن الكهولة سن الكمال، فإذا لم يكمل فيه المرء في طريق آخرته فمتى يكون كماله؟

وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [غافر: ٦٧].


(١) رواه الطبري في "التفسير" (٢١/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>