للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يُسَوف بالتوبة؛ فإن التسويف بالتوبة قبيح، ومن الشيخ أقبح.

فقد روى ابن أبي الدنيا في كتاب "الأمل" عن بعض السلف أنه قال: إن أكثر صياح أهل النار من التسويف (١).

وما أحسن قولَ عبد الله بن المعتز: [من الطويل]

نسِيرُ إِلَى الآجالِ فِي كُلِّ ساعَةٍ ... وَأَيَّامُنا تُطْوَى وَهُنَّ مَراحِلُ

وَلَمْ نَرَ مِثْلَ الْمَوْتِ حَقًّا فَإِنَّهُ ... إِذا ما تَخَطَّتْهُ الأَمانِيُّ باطِلُ

وَما أَقْبَحَ التَّفْرِيطَ فِي زَمَنِ الصِّبا ... فَكَيْفَ بِهِ وَالشَّيْبُ فِي الرَّأْسِ نازِلُ

تَرَحَّلْ مِنَ الدُّنْيا بِزادٍ مِنَ التُّقَى ... فَعُمْرُكَ أَيَّامٌ وَهُنَّ قَلائِلُ (٢)

وإذا تاب فليَدُم على التوبة، وليُقبل على الطاعة، ولا يتعبد على حرف ويتطوع على جهل، بل حيث فاتت منه أيام الشباب ولم يطلب العلم ولم يتعلم، فلا ينبغي أن ييأس من رَوح الله، وتشبُّه الشيوخ بالشبان مذموم إلا بالنشاط في الطاعة وطلب العلم؛ فإنه محمود.

وروى البخاري في "تاريخه" عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ لَمْ يَطْلُبِ الْعِلْمَ صَغِيراً، فَطَلَبَهُ كَبِيراً، فَماتَ، ماتَ شَهِيْداً" (٣).


(١) وذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين" (٤/ ١٢).
(٢) انظر: "أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: ١٥١).
(٣) قال الذهبي في "لسان الميزان" (٥/ ٤٣٣): وهذا خبر مركب على هذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>