للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يتشبه بهم في مدح شيء من ذلك اللائقة به؛ فإن ذلك مستسمج من الغني، وهو من الفقير أسمج وأقبح، وأكثر ما يكون هذا الخلق القبيح ممن غناه عارض وقد كان غريقًا في القِلَّة.

وقد روى أبو نعيم عن ماهان الحنفي رحمه الله تعالى قال: ما يستحيي أحدكم أن تكون دابته التي يركب، وثوبه الذي يلبس أكثر ذكرًا لله تعالى منه (١).

قلت: وأنا أقول: من هذا خلقه وعادته يجري على لسانه ذكر بزته وملابسه، ومراكبه، وسائر أغراض دنياه أكثر من جريان ذكر الله تعالى عليه، فأين الحياء من هذا؟ وهل ترك من القحة والجفاء شيئاً؟ وإذا تبجح بما لا يملكه وأثنى على شيء من ذلك وهو لا يملكه كان أسوأ حالًا وأعظم ذنباً؛ لأنه ضم إلى ذلك كذبا وزُوراً.

وفي الحديث الصحيح: "الْمُتَشَبعُ بِما لَمْ يُعْطَ كَلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ" (٢).

فإن كان ثناؤه على مال قريبه أو رفيقه أو جاره، مفتخراً بذلك، ومتكثراً به لانتسابه إليه أو في نسبه، فهذا ضم إلى معصيته حماقة وجهلاً؛ فإنه يفرح بما ليس له، ويقنع نفسه بالجوز الفارغ الخال، ويسكِّن عطشها بالسراب والآل.

***


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٤/ ٣٦٤).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>