للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس من مقتضى العلم أن يترك العمل به ليزداد من العلم؛ فإن العلم إنما يراد للعمل به.

وكان داود الطائي رحمه الله تعالى يقول: العلم آلة العمل، فإذا أفنيت عمرك في جمع الآلة فمتى تعمل (١)؟

وفي معناه ما قاله بعض العلماء المتقدمين لطلبة الحديث: [من المتقارب]

إِذا كُنْتُمْ تَكْتُبُونَ الْحَدِيثَ ... نَهاراً وَفِي لَيْلِكُمْ تَرْقُدُونَ

وَقَدْ بانَ مِنْكُمْ زَمانُ الشَّبابِ ... فَبِاللهِ قُولُوا مَتَى تَعْمَلُونَ

وقال عبد الله بن جعفر المكنى بأبي بكر من أصحاب الإمام أحمد: سمعت أحمد بن حنبل رضي الله تعالى وسئل عن الرجل يكتب الحديث فيكثر، قال: ينبغي أن يكثر العمل به على قدر زيادته في الطلب، ثم قال: سبيل العلم مثل المال؛ إن المال إذا ازداد زادت زكاته.

قلت: وكما أن المال ينمو بالزكاة ويتضاعف بالنص، فكذلك العلم، والعلم نعمة كالمال، وشكرها المستزيد لها العمل به.

ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ عَمِلَ بِما عَلِمَ وَرَّثَهُ اللهُ عِلْمَ ما لَمْ يَعْلَمْ". رواه أبو نعيم عن أنس رضي الله تعالى عنه (٢).

فكيف يوفق للزيادة من نعمة من لم يوفق لشكرها؟


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٧/ ٣٤١).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>